الضباب القاتل
صفحة 1 من اصل 1
الضباب القاتل
ضباب كثيف يحيط بكل شئضباب يغوص فيه البصر، ويبذل أقصى جهده لاختراقه، حتى يبلغ منشأهوياله من منشأقطعة من اللهب المشتعل، كجمر ملتهب، يتوهّج ويتألق، ثم ينفث الضباب
والدخانوالموت ..هذا ليس وصفاً لوحش اسطوري رهيبانه وصف لتلك اللفافة الورقية، التي نراها جميعاً في الأفواهالسيجارة
الواقعانالسيجارة لا تختلف كثيراً عن الوحوش الأسطورية، بل إنها.. في حدذاتها.. وحش مفترس، لا
يعرف الرحمة أو الشفقة، وهو يفترس ضحاياه في بطءقاتلكأنما يتلذذ بالتهامهم قطعة قطعةوهذا الوحش صاحب الضباب القاتل ليس سوى لفافة ورقية ملفوفة
بطريقة حلزونية ومحاطةبغلاف ورقي آخر، بالغ الدقة، وبداخلهما أوراق تبغ مفرية، ومضاف
إليها مواد خاصة تمنحها نكهة مميزةولهذه السيجارة قصةففينهاية القرن الخامس عشر استطاع الايطالي كريستوفر كولومبس اقناع
ملكاسبانيا
بالموافقة على اعداد حملة بحرية، تشق طريقها إلى غرب المحيطالاطلنطي، لبلوغ الهند
من طريق خلفيوفي عام 1543، وصل كولومبس إلىسواحل جديدة، غرب الاطلنطي، وهبط فوقها وهو يتصور أنه قد
بلغ سواحل الهند،حتى انه لم يكد يرى السكان الأصليين، حتى اطلق عليهم اسم الهنود
الحمر،لحمرة بشرتهم
الزائدةوفي جلسة من جلساته مع الهنود الحمر، رأى كولومبسالهنود يضعون في أنوفهم
أوراق نباتات ملفوفة، ويشعلون النار في اطرافها،ثم يستنشقونها في عمقوحاول كولومبس تجربة هذا الشئ الجديد، فوضع في انفه لفافه من أوراق
التبغ، واشعلها، و.. وسقط يصرخ من الآم رئتيهولكنه.. ولسوء حظ
العالم.. لم يكتف بهذه التجربة السيئة، بل راح يحاول استنشاقالتبغ بأنفه مرة ومرة،
محاولاً مجاراة الهنود الحمر، حتى فشل في هذاتماماً، فتفتق ذهنه عن فكرة جديدةإذ وضع لفافة التبغ في فمه بدلاً من أنفهوفي هذه المرةاستطاع كولومبس احتمال الدخان الساخنوعندما عاد كريستوفر كولومبس إلى اسبانيا، كان يحمل في يده وثيقة
كشف أمريكاوفي فمه سيجارة مشتعلةوكانت البدايةلقدجذبت السيجارة المشتعلة، بين شفتي كولومبس انتباه المجتمع
الاسباني، بأكثرمما أثاره كشف أمريكا، إذ لم يكن كولومبس قد أدرك بعد أنه بلغ
أرضاًجديدة، وانما
كان يتصور أنه وصل إلى الهند فحسبوبدأ افراد الطبقةالراقية الاسبانية يدخنون لفائف التبغ سراً، ثم لم تلبث تلك
العادة أنانتشرت اكثر
واكثر، فتجاوزت الطبقة الراقية إلى عامة الشعب، في حين ظلتالدول المجاورة تستنكر
هذه العادة وترفضهاوليت الدول أصرّت على رفضها هذاففيانجلترا مثلا، بدأ البعض في تدخين أوراق التبغ الملفوفة سراً، وظل المجتمعينظر إلى من
يفعلون هذا نظرة استنكار واستهجان، حتى بدأ الملك إدوارد فيتدخين لفائف التبغ
علناً، في البلاط الملكيوهنا سقطت كل الحواجزوخلال خمسة أعوام فحسب كانت اروبا كلها مغطاة بسحابة من ضباب
التبغ، بعد أن تحولالتدخين إلى عادة منتشرةومع انتشار التدخين انتشرت زراعة التبغ وبدأ البعض في التفكير في
انتاج هذه اللفائق على نحو أكبر واضخموفي عام 1872، بدأت عملية تصنيع السيجارة آلياًوبدأ الانتشار الفعليومع بداية الحرب العالمية الأولى، تضاعفت عملية انتاج وتصنيع
السيجارة وانضم اليها السيجار الذي بدأ تصنيعه آلياً، عام 1902واليوماصبحت تلك العادة السيئة أكثر انتشاراً من أية عادة معروفة، وبلغ عددالمدخنين ما
يقرب خمسة مليارات من البشر، ثلثهم على الاقل من النساءوالمراهقين.. دون أن يسأل احد المدخنين نفسه ولو مرة واحدة
ماهذا الذييفعله؟وماهو التبغ ؟؟والتبغ نبات من الفصيلة الباذنجانية، اسمهالعلمي نيكوتيناطاباكم،
وهو يحوي مادة النيكوتين ذات التأثير المخدر،والتي تنفذ عبر الأغشية المخاطية للمسالك التنفسية، وتسبب
التهابهاوالتهاب
الجهاز التنفسي، مع مرور الوتومشكلةالتدخين ليست قاصرة على المدخنين فحسب، وانما تمتد للأسف إلى غير
المدخنين، ممن نطلق عليهم اسم ضحايا التدخين الإجباريوهؤلاءالضحايا المساكين يبدأ عذابهم الإجباري من قبل الميلاد، فالجنين فيبطن الأمالمدخٍّنة يتأثر كثيراً بسحب الدخان، التي تستنشقها الأم بإرادتها،أو رغماً عنها، عندما
تجلس في وسط من المدخنين، فيصاب المسكين بتشوهاتخلقية، واستعدادات مؤسفة للإصابة بعدد من الأمراض فيما بعد،
ومع ولادته.. لو نجا من
هذه المرحلة.. يضطر إلى احتمال سحب الدخان، التي تنفثها أمه، أوينفثها أبوه في حجرته،
فتصاب رئتاه بالضعف والأمراض التنفسية العديدةومعنموه، ينشأ المسكين في وسط دخاني، فتتكون في رئتيه حبيبات الكربون،كما لوكان مدخنا،
على الرغم من أنه لم يدخن سيجارة واحدة بارادته، في عمره كلهوفي الخامسة والعشرين تصبح رئة الشاب هشة، أشبه برئة مدخن قضي 15
عاماً في التدخينوتهاجمه الأمراض في الأربعينأمراض التدخين..وأمراض التدخين عديدة، تبدأ بالتهابات، واحتقاناتالجهاز التنفسي، وتنتهي
بالاورام الخبيثة في الشفتين والحنجرة والرئتين والصدر، مروراً بالتهابات العيون،
والجفون، والأصابع وغيرها
كل هذا يصيب المدخنين ،، وضحايا التدخين الإجباري في نفس الوقتوالعجيبأنه حتى الشركات والمصانع، التي تنتج السيجارة والسيجار، وتبغ
الغليون،وغيرها، تدرك
تمام مضار ما تنتجه، حتى انها لم تعترض قط، عندما فرضت عليهاحكومات الدول المختلفة
أن تضيف إلى كل عبوة، من عبوات انتاجاتها المختلفة،عبارة تشير إلى أن التدخين ضار جداً بالصحة، وإلى أنها
تحذرك من أضرارهلم تعترض لأنها تعلم أن المدخنين سيتجاهلون هذه العبارة، وسيواصلون
تدخين سجائرهم، حتى تبدأ الآم الصدر والرئتين وغيرهاكلما فعلته الشركات المنتجة هو أن حاولت استنباط نكهات صناعية،تمكنها منتقليل نسبة
النيكوتين في منتجاتها، دون اضاعة نكهة التدخين الخاصةوظهرتبالفعل انواع مختلفة من السجائر ذات اشكال انيقة، وعبوات جذابة،
تماما مثلالأزهار
المفترسة، التي تغري فريستها بمظهرها البرا، والوانها الصارخة،حتى توقع بها ي براثنها،
فتفترسها بلا رحمةوفي هذه المرة كانت السجائر ذات نيكوتين قليل، أو خالية منه تماما،
مع احتوائها على نكهات صناعية شهيرةوابتسمالمدخنون في ارتياح، وتصوروا ان هذه النكهات الصناعية ستحقق لهم
المعادلةالمنشودة،
وهي أن يمارسوا عادتهم القديمة دون قيود، ودون أضرارولكن هذا لم يتحقّق قدأثبتت الأبحاث الحديثة أن النكهات الصناعية أشد ضرراً وفتكاً من
النيكوتيننفسه، إذ
أنها تسبّب الأورام السرطانية للمدخن، وبنسبة سبعة وتسعين فيالمائة، في حين لم يكن
النيكوتين نفسه يسبب أكثر من أربعة وستين في المائةمن الأورام الخبيثةثم أن الضرر، لا يكمن في أوراق التبغ وحدها، وإنمافي الأوراق العادية،
التي تحيط بالتبغ في السيجارة، فاستنشاق نواتج احتراقهذه الأوراق، من قار وكربون، تسبّب المزيد والمزيد من
الأضرارولهذا قسّم العلماء والأضرار الناشئة عن التدخين، فقالو أنها أقل
ما يمكن في تدخين الغليون والنرجيلة، وتبلع ذروتها في السيجارةوكل هذالم يقنع المدخنين بالإقلاع عن عادتهم العجيبة هذهوفيدراسة خاصة بهذا الأمر، ثبت أنه من العسير أن يقنع المدخنون
بالإقلاع عنالتدخين، للأسباب الصحية أو الإقتصادية وحدها، وأنه لا بدّ من
استخدامالتوعية
ANGEL- مشرف منتدى الحوار العام&الصور والخلفيات
- عدد الرسائل : 35
العمر : 34
نقاط : 5838
تاريخ التسجيل : 22/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى